قال تعالى : ( وما كان الله ليظل قوما ً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم مايتقون ) التوبة الآية : 115 .
يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره :
( يعني أن اللّه تعالى إذا منَّ على قوم بالهداية، وأمرهم بسلوك الصراط المستقيم، فإنه تعالى يتمم عليهم إحسانه، ويبين لهم جميع ما يحتاجون إليه، وتدعو إليه ضرورتهم، فلا يتركهم ضالين، جاهلين بأمور دينهم، ففي هذا دليل على كمال رحمته، وأن شريعته وافية بجميع ما يحتاجه العباد، في أصول الدين وفروعه ) . اهـ
لقد من الله تعالى بفضله وكرمه على هذه الأمة بنبي الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة حتى تركها على البيضاء لايزيغ عنها إلا هالك .
فمن اعتصم بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كفي وهدي ومن ركن إلى آراء الرجال وشطحات العقول زاغ وهلك والعياذ بالله .
وإن كل شيء يحدث في أمور الناس من مصائب ومحن وفتن علاجها ودواؤها موجود في شريعتنا الغراء ومن يقول أن الشريعة لم تبين علاج هذه الأمور العظيمة من فتن ومصائب فقد كذب على الله تعالى جاهلا ً كان أم عالما ً قال تعالى : ( رسلا ً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس حجة بعد الرسل ) سورة النساء . ، فالشرع الحكيم بين كل شيء للمسلم ومايهمه في حياته وبعد مماته بين حق الله على عباده وحق عباده عليه جل وعلا وهو ( التوحيد ) ، وبين شؤون الزوج وحقوقه ، وحقوق الزوجه والأولاد ، وحقوق الرعية على ولي الأمر وحقوق ولي الأمر على الرعية ، وبين مايحدث في آخر الزمان من الفتن والملاحم كل شيء بينه شرعنا المطهر.
قال أبو ذر رضي الله عنه : ( لقد تركنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا أذكرنا منه علما ) مسند الامام أحمد .
ومن اللافت للنظر في هذه الأزمنة ظهور مايسمون أنفسهم نشطاء سياسيون أو مصلحون وغالبا ً مايرددون ( إن أردت إلا الاصلاح ماستطعت ) ، وإن كانوا يدعون الاصلاح فعلا ً في اعتقادهم وحسب أفكارهم فهذا غير صحيح لماذا ؟ لأنها أفكار معرضة لخطأ فيجب أن تعرض على الشرع ليحكم فيها ويبين صلاحها من فسادها .
والعلماء الربانيون الضالعين في العلم هم المصلحون وهم الناصحون لأنهم بسيرون على منهج النبوة فهم الذين بينوا شريعة الرحمن لعباده ودعوا إلى التمسك بالكتاب والسنة فكيف يكون من تخصصه في العلوم الزراعية أو تخصصه في الأدب العربي أو تخصصه في العلوم مايسمونها الانسانية أو الحقوق والقانون كيف يكون أولئك هم المصلحون وهم الذين يوجهون الناس ويقودونهم إلى الطريق الصحيح وأين هو الطريق الصحيح !!!
هل الطريق الصحيح بتحكيم العقول والأفكار ومغازلة الغرب بأنظمته والتشبه بهم ؟
ديدنهم حقوق المواطن وأنها مسلوبة حقوقه لابأس بذلك أنا معكم وأناصركم لأنني ( مواطن ) وأريد رفعة بلادي ومناصرة اخواني المواطنين من سلبت حقوقهم أو هضمت بسبب ظلم وقع عليهم أو لأن ذلك من حقهم فالاسلام كفل للجميع أن يعيشوا وفق منهج يصان فيه عرض المسلم ودمه وماله فعَنْ أَبي هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُم عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ، وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقوَى هَهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِه ثَلاَثَ مَرَّاتٍ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وعِرْضُهُ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ولكن عند المطالبة بالحقوق المشروعة للمواطن لابد لنا أن نتوجه إلى شرعنا الحكيم شرعنا المطهر لماذا لأننا مسلمون ونرجع جميع معاملاتنا وشؤوننا إلى شرع ربنا تبارك وتعالى : ( فلاوربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) النساء الآية : 65 .
يقول الامام ابن باز رحمه الله :
أما قوله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ[8] الآية فهي عامة على ظاهرها، فلا يجوز للمسلمين أن يخرجوا على شريعة الله، بل يجب عليهم أن يحكموا شرع الله في كل شيء، فيما يتعلق بالعبادات، وفيما يتعلق بالمعاملات، وفي جميع الشئون الدينية والدنيوية لكونها تعم الجميع، ولأن الله سبحانه يقول: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ[9]، ويقول: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ[10]، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[11]، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[12]، فهذه الآيات عامة لجميع الشئون التي يتنازع فيها الناس ويختلفون فيها، ولهذا قال سبحانه: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ يعني الناس من المسلمين وغيرهم حَتَّى يُحَكِّمُوكَ يعني محمدا صلى الله عليه وسلم، وذلك بتحكيمه صلى الله عليه وسلم حال حياته وتحكيم سنته بعد وفاته، فالتحكيم لسنته هو التحكيم لما أنزل من القرآن والسنة، فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ أي فيما تنازعوا فيه، هذا هو الواجب عليهم أن يحكموا القرآن الكريم، والرسول صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته باتباع سنته التي هي بيان القرآن الكريم وتفسير له ودلالة على معانيه، أما قوله سبحانه ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا فمعناه أنه يجب أن تنشرح صدورهم لحكمه صلى الله عليه وسلم، وألا يبقى في صدروهم حرج مما قضى بحكمه عليه الصلاة والسلام؛ لأن حكمه هو الحق الذي لا ريب فيه وهو حكم الله عز وجل، فالواجب التسليم له وانشراح الصدر بذلك وعدم الحرج، بل عليهم أن يسلموا لذلك تسليما كاملا رضا بحكم الله واطمئنانا إليه، هذا هو الواجب على جميع المسلمين فيما شجر بينهم من دعاوى وخصومات، سواء كانت متعلقة بالعبادات أو بالأموال أو بالأنكحة أو الطلاق أو بغيرها من شئونهم. اهـ
[8] سورة النساء الآية 65.[9] سورة المائدة الآية 50. [10] سورة المائدة الآية 44. [11] سورة المائدة الآية 45. [12] سورة المائدة الآية 47.
رحم الله تعالى جبل السنة عبد العزيز بن باز رحمة واسعة وجمعنا به في دار كرامته اللهم آمين .
إذن فالمطالبة بالحقوق مشروعة لكن من خلال الشرع المطهر فها هو الضابط الذي لايريده النشطاء السياسيون لأنه ينسف شريعتهم وينسف مخططاتهم وتجد أحدهم يغتاظ ويتهمك في دينك حينما تطالب بالحقوق وفق الشريعة فما أقبح أثرهم على الناس وما أثقل وزرهم يوم التناد .
والغريب في هؤلاء أصحاب المطالبات يدسون السم في العسل ولا أستطيع تمثيلها سوى بقول الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حق الخوارج : ( كلمة حق أريد بها باطل ) . [ صحيح على شرط البخاري، وأخرجه مسلم والنسائي]
المطالبة بالحقوق تكون عن طريق ايصالها لمن هو مسؤول عنها سواء كان منصبه وزير أم وكيل وإن لم يستمع هذا المسؤول المتغطرس لشكوى المواطن فعلى المواطن أن يطالب بحقه ويوصل تظلمه لولي الأمر حفظه الله وأصلحه وأصلح له بطانته عن طريق المراسلات والمكاتبات والبرقيات ويوجد عند طريق شركة الاتصالات نظام البرقيات توصل الرسالة لمن تريد فقم بإيصالها لولي الأمر ليطلع عليها إن كنت حقا ً تريد المطالبة بحقك الذي تقول أنه مهضوم :
هذا الامام النووي رحمه الله من العلماء الأجلاء الجهابذة يأصل لنا المطالبة بالحقوق ولاتغتروا بإفكهم وحيفهم أن من يدعو للطريقة الشرعية هم من علماء السلطان وهذه ترهاتهم التي يطلقونها على علماء السنة الأفاضل فالله حسبهم ، قال الامام النووي رحمه الله تعالى :
أما النصيحة لأئمة المسلمين فمعاونتهم على الحق, وطاعتهم فيه, وأمرهم به, وتنبيهم وتذكيرهم برفق ولطف, وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين, وترك الخروج عليهم, وتألف قلوب الناس لطاعتهم.
(شرح صحيح مسلم )
انظروا لفقه هذا العالم الجليل حيث قال :
( وتنبيههم برفق ولطف ، واعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين ، وترك الخروج عليهم ) .
الرفق واللين مطلوب في التعامل مع جميع الناس لا بالتشهير عبر القنوات الفضائية وادعاء أن ذلك من الاصلاح ووالله أنه من الافساد فالعلماء الأجلاء قد بينوا في نصحهم للناس أن الطريقة الشرعية في نصيحة الوالي تكون فيما بينك وبينه عن طريق المكاتبة وارسال الرسائل له والبرقيات وأي طريقة لاتوغل صدور العامة على ولي أمرهم فيكرهونه وتحدث الفتنة والعياذ بالله .
لاتنتظر النتائج ولا تقول لماذا لم يفعل ولم يغير ولي الأمر هذا الشيء لأنك طالبت ولم يصلك شيء فعليك بالصبر لان هذا هو المطلوب من المسلم لا كما يسميه بعض المفتونين أنه خنوع وجبن لا والله بل هو شجاعة في الحق ولقد سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر ألم أقل لكم أن الشريعة الغراء أتت بالعلاج والدواء :
سأله - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- رجلٌ، فقالَ: أرأيتَ إنْ كانَ علينا أمراءٌ يمنعوننا حَقَّنا ويسألوننا حقَّهم، قالَ: (اسمعُوا وأطيعُوا، فإنَّما عليهم ما حُمِّلوا وعليكم ما حُمِّلتُم) ذكره التِّرمذيُّ وصححه الألباني .
ماذا يعني لك الحديث أيها الحقوقي والناشط السياسي بل ماذا يعني لك أنت أيها المسلم الخائف على نفسه من الفتن والزيغ فماذا بعد الهدى إلا الضلال .
وأقول المطالبة بالحقوق مشروعة شاء من شاء وأبى من أب ، لكن وفق الضوابط الشرعية التي وضعها الشرع الحنيف وأوصانا بها حبيبنا وقرة أعيننا محمد صلى الله عليه وسلم .
وأما مايفعله بعض الذين يدندنون حول حقوق المواطن ويطالبون بها دون ضوابط فهؤلاء يستثيرون العوام على ولي الأمر ويلمزونه دون تأصيل شرعي والدليل على ذلك أنهم يؤيدون المظاهرات السلمية زعموا ليقنعوا العوام والجهال بأنها سلمية وهي من حقوقهم ليستسيغوا هذا الفعل تدريجيا حتى يصبح عندهم مؤلوفا ً وبالتالي يصبحون هم المشرعون لهم ليتركوا العلماء ويرتبطوا بهم وبعد ذلك يأصلوا الخروج والكرامة والحرية المسلوبة المزعومة برأيهم المعوج ضاربين بعرض الحائط فتاوى العلماء الربانيين المشفقين عليهم الذابين عن السنة المطهرة كل بدعة وضلالة يشوبها فلا حول ولا قوة إلا بالله .
هؤلاء أعني الناشطون هم والله كارثة على أهل السنة والجماعة أيعقل أن يقول أحدهم أنه لابأس بالمظاهرات والاعتصامات زعموا السلمية للمطالبة بالحقوق بل أصبح يؤنب ولي الأمر ويشهر به علنا ًعبرهذه القنوات التي يشاهدها الملايين من أحباب وأعداء ويتهم ولي الأمر بالتقصيروأنه هو السبب في المشكلات الحاصلة في البلاد عن طريق الهمز واللمز وعدم معالجة الأوضاع زاعمين بذلك افتراء ً على الشرع بأنه اصلاح .
عن سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ , قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ مَحْجُوبٌ , قَالَ : مَا فَعَلَ وَالِدُكَ ؟ قُلْتُ : قَتَلَتْهُ الأَزَارِقَةُ , فَقَالَ : لَعَنَ اللَّهُ الأَزَارِقَةَ , يَقُولُهَا مَرَّتَيْنِ , ثُمَّ قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , " إِنَّهُمْ كِلابُ النَّارِ " , قَالَ : قُلْتُ : الأَزَارِقَةُ وَحْدَهُمْ ؟ أَوِ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا , قَالَ : بَلِ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا , قَالَ : قُلْتَ : إِنَّ السُّلْطَانَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ , وَيَفْعَلُ بِهِمْ وَيَفْعَلُ , قَالَ : فَتَنَاوَلَ يَدِي فَغَمَزَهَا بِيَدِهِ غَمْزَةً شَدِيدَةً , ثُمَّ قَالَ : وَيْحَكَ يَا ابْنَ جُمْهَانَ , عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الأَعْظَمِ , إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُ مِنْكَ فَأْتِهِ فِي بَيْتِهِ فَأَخْبِرْهُ بِمَا تَعْلَمُ , فَإِنْ قَبِلَ مِنْكَ , وَإِلا فَدَعْهُ ؛ فَإِنَّكَ لَسْتَ بِأَعْلَمَ مِنْهُ . رواه الامام أحمد .
والازارقة : هي إحدى فرق الخوارج تميزت بالتطرف والعنف أسسها نافع بن الأزرق في النصف الثاني من القرن الأول وسميت بالأزارقة نسبة إلى مؤسسها نافع بن الأزرق الذي كفرّ جميع المسلمين ما عدا فرقته .
رضي الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم انظر لفعل عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه حينما اشتكى سعيد بن جهمان من ظلم الوالي للناس ومن الشدة قال : يفعل بهم ويفعل بهم . قال له : ويحك كلمة تقريع عليك بالسواد الأعظم أي جماعة المسلمين لأنه يخشى من تأليب الناس على ولي الأمر ومن ثم الخروج عليه .
أليس قلة الوظائف والعاطلين عن العمل والمسجونين وغيرها حقوق للمواطن يريد البحث عن علاج لها فهذا داء ومشكلة ومعضلة والدواء في ايصالها إلى ولي الأمر بلطف وعن طريق الطرق الشرعية التي فيها حفظ الدين .
ولسنا بأفقه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وليست الأمور بأشد مما كان عليه القرون الماضية من ظلم وغيره فالله المستعان .
ولي الأمر بشر وليس مقدس بل يخطأ فإن أخطأ يبين له العلماء الربانيين أو من لديه علم وينصح له فيما بينه وبينه نعم هذا هو الحق وهذا هو ما أمرنا به رسولنا صلى الله عليه وسلم : من أراد أن ينصح لذي سلطان فلايبدها علانية و ليأخذ بيده فإن سمع منه فذاك وإلا كان أدى الذي عليه
حديث صحيح رواه الامام أحمد وصححه الألباني رحمه الله .
وفي الصحيحين أن أناسا ً انتقدوا على أسامة بن زيد - رضي الله عنه –وقالوا له :
ألا تدخل على عثمان وتكلمه ؟! فقال : ( أترون أني لاأكلمه إلا أسمعكم ! والله لقد كلمته فيما بيني وبينه مادون أن أفتح أمرا ً لاأحب أن أكون أول من فتحه ) .
الله أكبر ماذا يعني لنا كلام أسامة بن زيد رضي الله عنه وهو في الصحيحين :
يعني عدم التشهير بولي الـأمر أما الناس وهذا مايفعله بعض المتعالمين بحجة الاصلاح ، قال لهم رضي الله عنه وأرضاه ( أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم ! يعني لابد لي أن ترون وتسمعون أني أنصح للامام أمامكم ، وهل نصيحة الامام في القنوات الفضائية أمام الملأ هي من الطرق الشرعية ياترى وإن فعله من فعله فإن العبرة بكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم !!! .
هذه هي الطريقة الشرعية فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط .
قال أئمة الدعوة:" ما يقع من ولاة الأمور من المعاصي والمخالفات التي لا توجب الكفر والخروج من الإسلام فالواجب فيها مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق واتباع ما عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس ومجامع الناس واعتقاد أن ذلك من إنكار المنكر الواجب إنكاره على العباد وهذا غلط فاحش وجهل ظاهر لا يعلم صاحبه ما يترتب عليه من المفاسد العظام في الدين والدنيا كما يعرف ذلك من نور الله قلبه وعرف طريقة السلف الصالح وأئمة الدين " (نصيحة مهمة 30.) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:" ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة وذكر ذلك على المنابر لأن ذلك يفضي إلى الانقلابات وعدم السمع والطاعة في المعروف ويفضي إلى الخروج الذي يضر ولا ينفع " (المعلوم 22 والمعاملة 43.) .
وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله-: " بعض الناس ديدنه في كل مجلس يجلسه الكلام في ولاة الأمور والوقوع في أعراضهم ونشر مساوئهم وأخطائهم معرضاً بذلك عمّا لهم من محاسن أو صواب، ولا ريب أن سلوك هذا الطريق والوقوع في أعراض الولاة لا يزيد في الأمر إلا شدة فإنه لا يحل مشكلاً ولا يرفع مظلمة إنما يزيد البلاء بلاءاً ويوجب بغض الولاة وكراهيتهم وعدم تنفيذ أوامرهم التي يجب طاعتهم فيها " (وجوب طاعة السلطان للعريني ص23-24) .
فماذا بعد وصية النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح رضي الله عنهم والعلماء السائرين على منهج النبوة من تصدقون ومن تسيرون على نهجهم أدعاة الفتن والقلاقل أم شريعة الرحمة المهداة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ومن سار على نهجه من صحابته الأعلام ومن تبعه بإحسان .
فمن أيها العقلاء تختارون أجيبوا .
قال تعالى : ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) المائدة الآية : 50
( ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير ، الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات ، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله ، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات ، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم ) تفسير ابن كثير .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .