لم يكن من الصعب التقاط الخيط الواصل بين ما يجري من تكثيف للأعمال الإرهابية، وبين محفل الارتزاق الغربي - العربي في الدوحة، كما لم يكن عسيرا فهم مفردات أمر العمليات الجديد الذي لا يحتاج لشرح.
فالمجتمعون - أدوات ومرتزقة - يجيدون اللغة الأميركية وقد تمرسوا على التخاطب بها وتلقي الأوامر فيما بينهم، كما اعتادوا على المبارزة تحت سقفها وفي ظل عناوينها وبمفرداتها على مدى الأشهر الماضية.
وكما هم المجتمعون على دراية بتلك اللغة، كان مرتزقتهم وإرهابيوهم في الداخل أكثر سرعة في تلقف محتوياتها ومضمونها، وسرعان ما باشروا في تنفيذ ما ورد فيها سواء ما جاء منها بشكل مباشر، او تلك التي تصلهم بالوكالة, إنابة أو أصالة.
رسالة الاستجابة من قبل الإرهابيين والمرتزقة ترجمتها عملياتهم الإرهابية التي شهدت تواترا واضحا وتسارعا في تنفيذها على وقع خطابات الدعم وطبول التأييد التي شهدتها القاعات المفتوحة والمغلقة في العاصمة القطرية على حد سواء بعد أن جمعتهم الإدارة الأميركية في المشيخة القطرية لتعيد تركيب الطرابيش ما قدم منها وما استجد.
وفي وقت تتبارى عواصم الغرب في الاستجابة لأمر العمليات الأميركي من لندن إلى طوكيو مرورا بباريس وليس انتهاء ببرلين، كانت الأدوات في المنطقة تتسابق في زحفها إلى العاصمة القطرية، جماعة وفرادى، ولم يتأخر أمين الجامعة المؤجرة لمشيخات الخليج، بـ «الحج» مبكرا وقبل الجميع.
السخاء الغربي في الإعلان عن مساعدته للمرتزقة والإرهابيين أثار حفيظة المشيخة القطرية المشغولة باستحضار المرتزقة وملاحقة خلافاتهم في الأروقة الجانبية، والتحذير من مغبة عدم فهم الرسالة الأميركية المكتوبة بلغة تعرفها المشيخة القطرية أكثر من غيرها، خصوصا إذا ما كانت ممهورة ببعض الشروحات والإيضاحات العبرية.
في الجوهر لم يكن مفاجئا هذا التصعيد الإرهابي، وخصوصا حين تحولت المحافل والاجتماعات إلى بازار في المزايدة لدعم الإرهابيين وفتح الباب على مصراعيه أمام سباق غير معهود في التمسك بأوهام ساقتها الإدارة الأميركية قبل غيرها وبوعود براقة عن المرحلة الثانية من الخطة الأميركية، وصلت حد الحديث عن بضعة أسابيع فقط.
وفي الشكل كان من الطبيعي أن تشعر مشيخات الخليج المتورطة في دعم الإرهاب بالامتعاض من تسابق العواصم الأوروبية للقراءة باللغة الأميركية سواء بالمساعدة أم بالاستضافة وأن تشعر فيه محاولة «لئيمة وغادرة» من تلك العواصم لقطف الثمار الموعودة أميركيا بعد بضعة أشهر وربما أسابيع، خصوصا أن تلك المشيخات لم تتوقف يوما عن الحديث تحت راية اللغة الأميركية ولم تشعر بالحرج من المطالبة بدعم الإرهابيين باعتبارها فكرة ممتازة باللهجة السعودية وصولا إلى الواجب القطري المهجن اسرئيلياً والليبي المدجن اطلسياً.
وحين تكون الإدارة الأميركية هي المروج والمسوق لمثل تلك الأوهام، فمن الطبيعي أن نرى هذا التسابق بين عواصم الغرب وأدواته في المنطقة وأن نشهد هذا التصعيد الإرهابي على خطا التسخين السياسي والإعلامي المرافق بوتيرة تتجاوز الأحداث وتبدأ التحضير عمليا لمشهد افتراضي منتظر لم ولن يتحقق.
لكن وعلى المقلب الآخر فإن الإرهاب الذي بات اليوم باعتراف الجميع حربا بالوكالة تقوده أميركا وتنفذ أجنداته أدواتها في المنطقة ينطق اليوم بلغتها، ويتحرك بأوامرها، وينفذ أجنداتها، وهذا ليس استنتاجاً ولا تحليلاً ولا تركيباً، لكنه الواقع الذي نلمسه، ونراه بتداعياته، هذا ما حذرنا منه وما حذرنا من مخاطره ومن ارتداداته، لم نكن نبالغ، كما لم نبع كلاما في الهواء.
التفاهم الأميركي معه لا يحتاج إلى مترجم ما دام ينطق باللغة الأميركية وإن تعددت لهجاته من القطرية إلى السعودية إلى التركية، أو تباينت لكناته من المغربي إلى التونسي والليبي والشيشاني والأفغاني والباكستاني وصولا إلى الأدغال الإفريقية والبؤر الآسيوية.
المصدر صحيفة الثورة - بقلم: علي قاسم